فصل: ذكر عدة حوادث:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الكامل في التاريخ (نسخة منقحة)



.ذكر عدة حوادث:

في هذه السنة قلت الأمطار بديار الجزيرة والشام، ولا سيما حلب وأعمالها فإنها كانت قليلة بالمرة، وغلت الأسعار بالبلاد، وكان أشدها غلاء حلب، إلا أنه لم يكن بالشديد مثل ما تقدم في السنين الماضية، فأخرج أتابك شهاب الدين، وهو والي الأمر بحلب، والمرجع إلى أمره ونهبه، وهو المدبر لدولة سلطانها الملك العزيز ابن الملك الظاهر، والمربي له، من المال والغلات كثيراً، وتصدق صدقات دارة، وساس البلاد سياسة حسنة بحيث لم يظهر للغلاء أثر، فجزاه الله خيراً.
وفيها بنى أسد الدين شيركوه، صاحب حمص والرحبة، قلعة عند سلمية، وسماها سميمس، وكان الملك الكامل لما خرج من مصر إلى الشام قد خدمه أسد الدين، ونصح له، وله أثر عظيم في طاعته والمقاتلة بين يديه، فأقطعه مدينة سليمة، فبنى هذه القلعة بالقرب من سليمة، وهي على تل عال.
وفيها قصد الفرنج الذين بالشام مدينة جبلة، وهي بين جملة المدن المضافة إلى حلب، ودخلوا إليها، وأخذوا منها غنيمة وأسرى، فسير أتابك شهاب الدين إليهم العساكر مع أمير كان أقطعها، فقاتل الفرنج، وقتل منهم كثيراً، واسترد الأسرى والغنيمة.
وفيها توفي القاضي ابن غنائم بن العديم الحلبي، الشيخ الصالح، وكان من المجتهدين في العبادة والرياضة والعاملين بعلمه، فلو قال قائل: إنه لم يكن في زمانه أعبد منه، لكان صادقاً، فرضي الله عنه وأرضاه، فإنه من جملة شيوخنا، سمعنا عليه الحديث، وانتفعنا برؤيته وكلامه.
وفيها أيضاً في الثاني عشر من ربيع الأول توفي صديقنا أبو القاسم عبد المجيد بن العجمي الحلبي، وهو وأهل بيته مقدمو السنة بحلب، وكان رجلاً ذا مروءة غزيرة، وخلق حسن، وحلم وافر، ورئاسة كثيرة، يحب إطعام الطعام، وأحب الناس إليه من يأكل طعامه، ويقبل بره؛ وكان يلقى أضيافه بوجه منبسط ولا يقعد عن إيصال راحة، وقضاء حاجة، فرحمه الله رحمة واسعة.